الاتصال في وقت الكوارث و الازمات
الاتصال في وقت الكوارث والازمات
د. ازهار محمود حليم عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
مركز بحوث البيئة / الجامعة التكنولوجية
ما هي الازمة: يمكن تعريف الازمات على انها احداث سريعة ومفاجئة تؤثر على اعداد كبيرة من الناس او على كافة شرائح المجتمع.
هل جميع الازمات ذات مصدر واحد؟ ممكن ان تكون الكوارث والازمات طبيعية مثل الاوبئة، الفياضانات، البراكين، الزلازل، والاعاصير. وممكن ان تكون من صنع الانسان كالهجمات الارهابية والحروب والتسرب الكبير للمواد الخطرة والسامة وغيرها من الاحداث.
ماذا نعني بالاتصال؟ يكون الاتصال في الحالات الطبيعية صعبا، لكن الاتصال خلال الازمات يكون اكثر صعوبة لانه يتطلب اتخاذ قرار سريع تحت الضغط الشديد. الاتصال خلال الازمات هو المعلومات التي يتم تبادلها بين السلطات العامة والمنظمات ووسائل الإعلام والأفراد والجماعات المتضررة من جراء الازمة.
من المسؤول عن عملية الاتصال؟ تقع مسؤولية الاتصال على اصحاب القرار من خلال صياغة رسائل التواصل بين السلطات المختلفة والجمهور المتلقي وتمتاز هذه الرسائل بانها تكون قصيرة، ومركزة، ذات مدلولات ومعاني كبيرة في جمل قصيرة وواضحة حتى تكون مفهومة لاكبر عدد من شرائح المجتمع، كما يجب ان تكون الرسائل ذات مصداقية عالية وخالية من التزييف والتسويف لتفويت الفرصة على المغرضين ومروجي الاشاعات من اخذ الدور الاكبر في ادارة الازمات. ويجب ان تمتاز الرسائل بالدورية اي ان الجهات المرجعية توجه رسائل توجيهية كل 24 ساعة مثلا اي يكون وقت توجيه الرسالة معلوما لدى اكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع، ان يكون شكل الرسالة بصيغة خطاب، مؤتمر صحفي، او مقابلة خاصة مع شخصية ذات تاثير ايجابي وتمتاز بالثقة العالية والعلمية والقدرة التقنية والفنية على ادارة الازمة.
ماذا تتضمن هذه الرسائل؟ تتضمن الرسائل (خطابات السلطات) حجم الكارثة او الازمة، مكان الوقوع، زمن الوقوع، اجراءات الاستجابة، خطوط الاتصال، تسمية الجهات المرجعية التي تشترك في ادارة الازمة، تسمية المسؤولين واصحاب القرار، مصادر التمويل، احصائيات بحجم الاضرار المادية والبشرية، السيناريوهات المقترحة من قبل الجهات المرجعية لتقليل اثار الازمة، وغيرها من المعلومات المستجدة التي تتطلب الاعلان عنها اولا باول كما ومن الضروري ان تاخذ الرسائل ترقيما وتسلسلا زمنيا ممنهجا لكي يمكن الرجوع اليها للكشف عن مجريات الازمة وتعتبر وسيلة توثيق معتبرة للتسلسل الزمني لاحداث الكارثة. تصنف الدول والحكومات والمنظمات على اساس قابليتها في ادارة الازمات والكوارث على انها متقدمة ومتخلفة، وغالبا ما تقع دول متقدمة فريسة سهلة للكوارث فتكون نتائج الازمة كارثية وكبيرة جدا بسبب سوء الادارة، وضعف الاستجابة، والتاخر في اخذ القرار المناسب، فيقتضي تدخل دول وحكومات ومنظمات اخرى لمساندتها في ادارة الازمة لكي تنحسر رقعة التاثير ولا يخرج الموضوع عن السيطرة.
ما هي وسائط الاتصال؟ تتعدد وسائل الاتصال بالجمهور وتعتمد اساسا على التطور التقني، سابقا كان الاتصال يقتصر على وسائل الاعلام المقروءة كالصحف والنشرات الورقية التي تصدر التعليمات بشكل مطبوع، وتمتاز هذه الطريقة بمجموعة من السلبيات لانه لا ليس جميع فئات المجتمع تستطيع القراءة كما ان هذه الصحف لا تصل الى جميع المدن والقرى لنشر الوعي والارشادات الضرورية لتجنب المخاطر. بعدها تعددت وسائل الاتصال لتشمل التلفاز والراديو، وحاليا تشمل وسائط اعلامية اكثر رواجا واعمق تاثيرا كالرسائل النصية القصيرة على جهاز المحمول، الشاشات العملاقة في الساحات والميادين وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث الالكتروني، اما شكل الرسالة نفسها فقد تغير من المقال المطبوع الى الصورة الصغيرة ذات المعاني الكثيرة.
واذا سلطنا الضوء على سيناريوهين مختلفين للاستجابة لتفشي وباء كورونا [COVID-19) النموذج الاول هو النموذج الايراني الذي امتاز ببطأ الاستجابة، والتهاون وعدم الجدية في ادارة الازمة من خلال الاستمرار في ممارسة الانشطة اليومية السياسية والرياضية والدينية دون الاكتراث الى توجيهات منظمة الصحة العالمية بجدية موضوع التفشي، غياب الخطاب الموحد، التراشق بالتهم والقاء اللوم على جهات خارجية في تفشي الوباء والتركيز على نظرية المؤامرة في احداث الازمة الداخلية، النموذج الاخر هو النموذج العراقي ذو الحدود الطويلة والمفتوحة مع جمهورية ايران الاسلامية حوالي 1200 كلم، كان سيناريو تدارك الازمة مبكرا من خلال غلق اكثر من نصف المعابر مع ايران بحلول السابع من اذار الماضي منع التجمعات والزيارات، منع الانشطة الدينية والرياضية والسياسية، غلق الجامعات والمدارس، واخيرا فرض حضر تجوال شامل، كما امتاز الخطاب العراقي بالموضوعية والدقة والمرجعية ( خلية الازمة برئاسة وزير الصحة)، وعلى الرغم من ضعف الامكانات المادية مقارنة مع دولة ايران الا ان وجود خطة طوارئ مكتوبة حددت بشكل دقيق المسؤوليات والادوار وكانت النتائج جيدة مع ضعف التزام الجمهور في كثير من المناسبات.
